بسم الله الرحمن الرحيم،
تُـجـــار الكــلام محـــلاتهم فـــارغة.
احتفل الإعلامي بنعبد الله في تقديم مستودعه الأخير بتحطيم الرقم القياسي
لعدد الإيميلات الواردة على برنامجه، و أعزى ذلك لقيمة ضيفه السيد وزير
الشباب و الرياضة منصف بلخياط، اعترى محيا الصحفي وهو يعلن إنجازه نوع من
الفخر و نشوة النجاح و لربما هو حق مشروع في دولة تعد متخلفة إعلاميا و
جميع قنواتها المرئية حكومية احتكارية, إضافة إلى ذلك, فالبرنامج يعد هو
الوحيد من حيث الشكل و الشروط الذي بإمكانه استضافة السيد الوزير. في عز
هذه الاحتفالية لم يخف السيد الوزير انتفاخ صدره تباهيا بهذه النتيجة خاصة
و أن سياساته كلها قائمة أساسا على تحقيق الأهداف و النتائج.
الأكيد أن السيد الوزير لم يلب دعوة البرنامج الحواري الوحيد القادر من
حيث الشكل على استضافته و تلبية حاجته التواصلية مع الرأي العام في غياب
البديل طبعا، و لكنه أتى إلى قناته الحكومية المحتكرة و المتصرفة بأمره
لتحقيق هدف تواصلي تسويقي مع الرأي العام كما خطط له مستشاروه في ميدان
التواصل، و ذلك وفاءا لنمط التسيير الذي جلبه السيد الوزير لعالم الرياضة
و المعتمد بالخصوص على تطبيق القواعد العصرية و الحديثة في مجال إدارة
الأعمال، و طبعا مكانة التواصل التسويقي في هذا الميدان لا يختلف حولها
اثنان.
أظن انه يمكن القول أن إطلالة السيد الوزير عبر برنامج مستودع جاءت لتنضاف
لسلسلة الطلعات الإعلامية، أو الإعلانية باستعمال مصطلحات عالم الأعمال،
الطلعات التي سطرها مستشارو التواصل لدى السيد الوزير، و يمكن القول كذلك
أن كل ذلك يدخل في إطار تخطيط عام لتهيئة الطريق المعبد لمسير مريح دون
بلبلة أو ضجة لسياسة السيد الوزير، يدخل في هذا التخطيط، كما لاحظ السيد
بنعبدالله و اعترف به السيد بلخياط، جلب شخصيات من عالم الأعمال لعالم
التسيير الرياضي للاستفادة من الخبرة و النجاعة في تحقيق الأهداف و وضعهم
على رأس جامعات مختلفة، و في الجانب الإعلامي تم ترتيب أمر الصحافة
الرياضية بتنصيب السيد بدر الدين الإدريسي رئيسا للجمعية المغربية للصحافة
الرياضية، طبعا استقرار الاختيار على هذه الشخصية ليس اعتباطيا و لكنه
يدخل في إطار تعبيد الطريق للسير بسياسة عالم الأعمال للسيد الوزير دون
أدنى إزعاج، فالإدريسي رجل معروف بدبلوماسيته الهادئة و ليونة أرائه لدرجة
إمكانية تصويبها في جميع الاتجاهات للحفاظ على علاقات طيبة على جميع
الأصعدة، و ترسخ دخول الإعلام الرياضي عهد الوصاية الوزارية بتنظيم ندوة
مشتركة بين الجمعية و الوزارة أساسها الإشهار لسياسة الوزارة و لرؤيتها
الفريدة لتسيير الشأن الرياضي ببلادنا، و طبعا بعد كل هذا فلن تجد على
صفحات جريدة السيد رئيس الجمعية إلا الدعم لسياسة السيد الوزير.
إذن هو تخطيط عام و تفعيله قائم على قدم و ساق و وصلاته الإعلانية غير
متوقفة، و أخرها كما هو معلوم تلك الطلة الإعلانية بمستودع الرياضية التي
نعود إليها، حيث كان واضحا من خلال أداء السيد بلخياط مدى ثقته في ما
يؤديه من عمل و مدى ثقته بنفسه، و هي المواصفات المطلوبة بالنظر للمرجعية
التي يعتمدها السيد الوزير أي عالم الأعمال.
فقط أود ان ألفت انتباه مستشاري التواصل لدى الوزير أنه يسمي كل ممارسي
الرياضة على اختلاف أنواعها بعدائيين، فالسباح عداء و لاعب التنس عداء و
هلم جرا ، أكيد ذلك راجع للخلفية المفرنسة لطريقة تفكير السيد الوزير و
لكن مثل هذه الأخطاء التواصلية قد توحي بعدم تمكنه من المادة التي يسير
امورها.
غير ذلك، فالملاحظ أن السيد بلخياط يصر في كل خرجاته على ان يلبس ثوب
الممثل التجاري بما فيه "تخراج العينين"، فالسيد الوزير كان متأكدا خلال
المستودع أن هناك رياضات شعبية أخرى بالمغرب غير كرة القدم و "الخبز و
أتاي"، و أن مخططاته ستنهض بها كلها، و دخل بنا في متاهات الاستراتيجيات
المتوسطة و البعيدة المدى و أخرى من فرط البعد لا يمكن تحديد مداها، و
طبعا كما هو الحال بعالم الأعمال و الممثلين التجاريين فالصورة وردية و كل
شيء على ما يرام و يسير كما خطط له و في ظرف 10 سنوات المغرب سيصبح مصنعا
للأبطال، نقول إن شاء الله.
ما يزعجني في كل هذا أن المعروف عن الممثل التجاري قدرته على بيع كل شيء،
حتى الوهم، حتى الناس، حتى رؤسائه، أتحدث هنا عن عالم الأعمال طبعا، لكن
كلنا يتذكر ظهور السيد بلخياط خلف السيد امزوار في الروبورطاجات المواكبة
لمسلسل إزاحة المنصوري من رئاسة التجمع الوطني للأحرار، لا علينا، ما أود
أن ينتبه إليه السيد الوزير أن خطابه للرأي العام لا يمكنه أن يشبه خطابه
لمجلس الوزراء، الإنسان العادي خلف تلفازه لا يهمه استراتيجية تظهر
أهدافها أو لا تظهر بعد 20 أو ثلاثين سنه، و لا تهمه عقود أهداف غامضة لا
يعرف منها إلا اسمها" عقد الأهداف"، ماذا تفعلون لو لم تتحقق الأهداف؟؟،
التواصل مع الرأي العام غير ذلك و هو كذلك غير المسكنات التي تبقى أكثر فن
يبدع فيه المسؤولين المغاربة.
أود أن أذكر السيد الوزير، قبل ان يتمادى في نفخ ريشه، أنه استهل مهمته مع
زميله السيد الفاسي الفهري بفشل ذريع في إدارة أزمة المنتخب الوطني في وقت
كان ما يزال فيه كل شيء ممكنا، حتى التأهل لكأس العالم، علما ان مرجعية
الطرق العصرية لإدارة الأعمال كانت تؤهل الثنائي بلخياط-الفاسي الفهري
لإدارة أزمة المنتخب بشكل ناجع خصوصا و أننا نتوفر على أفضل جيل من حيث
اللاعبين، فالذي فشل هو من صميم اختصاص الثنائي بلخياط- الفهري أي
الإدارة، كيف يعقل أن نثق بعد ذلك في نجاح مخططات عشرية أو عشرينية.
بعد هذا التذكير، اود أن أقول ، ان خطاب: ها انا قد أتيت و الدنيا ستصبح
موردة، هو خطاب يستهزؤ بذكاء المخاطب، فقبل مجيء السيد بلخياط و السيد
الفهري، كان هناك واقع قائم، و هو لا يزال كذلك و لا يمكن ان يتبخر بين
عشية و ضحاها، ففي جامعة كرة القدم مثلا مازالت تسكن ديناصورات تكبح كل
شيء. ما أود أن أقوله أنه إذا ركبنا الصالح على الفاسد قد يذهب عملنا سدا،
بداية العمل تبدؤ بإصلاح الوضع القائم و التقدم به بعد ذلك بخطى حكيمة و
واقعية و تحترم دافعي الضرائب بالتواصل معهم بطريقة تحترم ذكاءهم أو على
الأقل عقلهم.
ما يعلمه الجميع، أن السيد الوزير غير قادر على تحقيق المعجزات، فلا أرى
أي داع لتواصل مغالط من الوزارة أو الجامعة ، نحن فقط نأمل المرور السليم
لمرحلة قريبة سبقتنا إليها مجموعة دول مجاورة و لسنا بحاجة لأي وعود بعيدة
عن الواقع المرير و المخفق .
شكرا.